ذكري نياحه القديس العظيم في البطاركه البابا كيرلس السادس
تحتفل الكنيسه في يوم 9 مارس من كل عام بذكري نياحه القديس العظيم في البطاركه البابا كيرلس السادس . تحتفل بعظمته و قداسه سيرته و بالأعمال الطيبه التي عملها في الكنيسه و بكل ما خلفه من عمل صالح سواء في حياته الكهنوتيه عموما أو في حبريته المقدسه كرئيس للكهنه , جلس علي كرسي مار مرقس حوالي أثني عشر عاما ... نحتفل بذكراه وفاء منا و حبا لهذا الأب الكبير الذي تربينا في كنفه زمنا , و قد قال الكتاب أن نكرم آباءنا علي الأرض و نذكر مرشدينا الذين ارشدونا في طريق الله . كانت علاقته مع الجميع علاقه حب . حتي مع الذين أسأوا اليه في البدايه فقابل أسأتهم بالحب و الأتضاع . لم يقل يوما أنا البطريرك . و لابد أن يعرفوا أنهم أخطأوا في حق البطريرك و من الضروري معاقبتهم حتي يرتدعوا . كلا لقد كان متسامحا واضعا نصب عينيه القول المبارك ( تعلموا مني لأني وديع و متواضع القلب فتجدوا راحه لنفوسكم . كان يزور كنائسنا في كل الأبرشيات و خاصه الأبروشيات الفقيره و المحتاجه . و كان الأساقفه و الشعب يستقبلونه بكل الحب الصادق العديم الرياء . لا عن خوف بل عن حب ... طوباك ايها الراعي الصالح .
قداسه البابا شنوده الثالث هو خير خلف لخير سلف . عاش مع قداسه البابا كيرلس فترات طويله و اختبر حياه النعمه و البركه التي عاشها قداسته فماذا قال قداسته. قال : لا يوجد في تاريخ الكنيسه كله مثل البابا كيرلس .
كان البابا كيرلس السادس انسانا جمع بين الوداعه و القوه . البساطه و الحكمه . البكاء و الحزم . جمع بين أمور كثيره قد يظن الناس ان بين بعضها و البعض الآخر شيئا من التناقض .. لا يوجد في تاريخ الكنيسه كله انسان مثل البابا كيرلس . استطاع ان يقيم كل هذه القداسات و قد حاولت ان احصي عدد القداسات التي اقامها في حياته . فوجدت انه قد صلي ما يزيد عن 12 الف قداس بأستثناء الخمس سنين الأخيره التي مرض فيها . و هذا امر لم يحدث في تاريخ اي بابا من باباوات الأسكندريه او العالم او الرهبان . تربينا في كنفه زمانا اتمتع بقداسته و صلواته و رعايته و ارشاده .عاش البابا كيرلس السادس مرشدا روحيا لكثيرين فتره طويله ... و لقد عرفت قداسته عام 1948 حيث كنت اتردد علي كنيسته في مصر القديمه .. و انتهي بي الأمر ان سكنت هناك . أتمتع بقداسته .. و صلواته .. و رعايته .. و ارشاده في ذلك الجو الجميل في كنيسه مار مينا بمصر القديمه . كان انسانا بسيطا هادئا وديعا .. و في نفس الوقت حكيما يتميز بالعمق .. و الكثير من قداساته تمتزج بالبكاء )
حياه التأمل و الخدمه : أعطي البابا كيرلس السادس مثلا رائعا في حياه التأمل و الخدمه. في حين ان جمعهما ليس بالأمر السهل فقد كان يخدم الكنيسه بأقصي ما يستطيع و في الوقت ذاته كان يختلي بنفسه ويأخذ بركه الوحده ... الوحده كما تعلمها البابا كيرلس السادس من مار اسحق هي الأنسلاخ من الكل للأرتباط بالواحد . لذلك كان كثير الصلوات .. حتي في أثناء وجوده و كلامه مع الناس . كان صامتا لا يتكلم كثيرا , لكي يعطي نفسه فرصه التأمل و الصلاه . و كان ايضا يعهد الي الله بمشاكله .
أول بابا يفتح بابه لكل انسان : كان البابا كيرلس أول بابا في جيلنا الحاضر فتح بابه لكل انسان . كل فرد كان يستطيع ان يجلس معه و يكلمه بلا مانع و لا عائق . و هكذا استطاع بشعبيته و بمقابلته لكل واحد ان يقضي علي فكره حاشيه البطريرك . لأن كل انسان كان يستطيع ان يعطيه المعلومات اللازمه في اذنه مباشره فيعرف حقائق الأمور بطريق مباشر و ليس عن طريق آخر . لذلك كان يعرف تفاصيل التفاصيل في كنيستنا المقدسه .
بركات عهد البابا كيرلس : من بركات عهد البابا كيرلس السادس تجلي السيده العذراء مريم في كنيستها بالزيتون و رجوع رفات مار مرقس الي مصر نتيجه التقارب و المحبه في العلاقات المسكونيه بيننا و بين كنيسه روما . كما عاد ايضا رفات القديس اثناسيوس الرسولي و أصبحت الكاتدرائيه المرقسيه تضم هذين الكنزين العظيمين .
لا تزال شعبيه البابا كيرلس مستمره حتي بعد رقاده في الرب . و مازلت أذكر ذلك الموكب الحزين للناس ممن كانوا يأخذون بركته من جثمانه الطاهر بعد انتقاله في بكاء مر و في عاطفه قويه بأعداد لا تحصي .
ابوه و اهتمام : تميز البابا كيرلس السادس بذاكره قويه يندر ان يتمتع بها غيره , ذاكره تستطيع ان تلم بأشياء يعسر علي عقل بشري عادي ان يلم بها . فكان يعرف كل الخدام و مشاكلهم في دقه عجيبه , و يذكر كل الذين يقابلونه بأسمائهم , و يسلم علي الشخص فيسأله عن حاله بطريقه وثيقه و يشعره بأبوته و اهتمامه بشخصه .
صورته محاطه بالبخور : اذا اردنا أن نضع صوره رمزيه للبابا كيرلس فأحسن صوره اما صورته تحيط به سحابه من البخور او صورته و هو الي جوار المذبح . لأن البخور كان دائما في حياته . كل يوم عشيه بالليل و قداس بالصبح .. رفع بخور عشيه و رفع بخور باكر , و قداس كل يوم
البابا كيرلس السادس و أولادنا في الخارج :البابا كيرلس السادس أول بابا يهتم بأولادنا في الخارج علي مستوي القارات اسيا و اوروبا و امريكا الشماليه و استراليا . و قد بدأت العنايه بأولادنا في الخارج بزيارات من الأباء في مقدمتهم نيافه الأنبا صموئيل أسقف الخدمات العامه و الأجتماعيه ــ حيث كانوا يسافرون لتمثيل الكنيسه في مؤتمرات و يفتقدون أبناءها المغتربين و المهاجرين و يقيمون لهم القداسات .
كان البابا كيرلس السادس بسيطا .. و صفه البساطه أعطته كثيرا من نقاوه القلب . و هو كما عاش راهبا و متوحدا و رئيسا لدير الأنبا صموئيل المعترف . عاش ايضا في حياه الخدمه حيث خدم في انواع الخدمات التي كانت تقدم في كنيسه مار مينا في مصر القديمه .
قرأت مئات الكتب النسكيه فلم أجد أعظم من كتابات مار اسحق السرياني عن حياه السكون و الوحده .. و قد كان البابا كيرلس السادس يحب مار اسحق . و يستمتع بقراْه كلماته و يحفظها . بل نسخ كثيرا منها علي ضوء شمعه في مغارته , و علي لمبه جاز .
أول بابا أختلط مع الناس
كان البابا كيرلس السادس أول بابا أختلط مع الناس هذا الأختلاط الكامل . كل يوم بيعمل قداس , و الناس بيقابلوه في القداس . يعني علي الأقل اللي مش عارف يقابل البابا كان يقدر يقابله في القداس , و اللي مش فاضي وقت القداس كان بيروح عشيه يقابله .
كان طيب القلب و اذا غضب و تضايق و ظن الناس انه في ثوره كبيره . تجده للوقت يبتسم .. أقل كلمه ترضيه و ترجع الأبتسامه الي وجهه .
كان الناس يعجبون من صفحه و هدوءه و طيبه قلبه و كانت له ابتسامه رقيقه يشرق معها وجهه كله . و يشعر الناظر الي عينيه انه امام انسان بسيط و ليس امام شيخ في حوالي العقد السابع من عمره . لذلك كان محبوبا من الكل و له شعبيه كبيره .