هو عيد (الأبيفانيا) Epiphany (إيبيفاني) وهو عيد الغطاس المجيد، هى معمودية بالتغطيس "وللوقت وهو صاعد من الماء" ولذلك نسمى المعمودية "الغطاس". وأى معمودية ليست بالتغطيس هى معمودية باطلة أو شكلية أو بلا قيمة.
معمودية السيد المسيح لم تكن لولادته من الماء والروح لأنه الإبن الوحيد للآب بالطبيعة، فلم يكن نزوله فى المعمودية لكى يولد من الماء والروح لكنه كان نازلاً من أجل المسحة لذلك سُمى بالمسيح، يسوع اسم الولادة والمسيح هذا اسم المسحة فى المعمودية، ولكنها تأسيس لمعموديتنا نحن المؤمنين به، ففيما نال هو المسحة بالمعمودية أعطانا من خلالها الولادة من الماء والروح. لذلك يوحنا المعمدان قال للناس "وسطكم قائم التى لستم تعرفونه، هوذا حمل الله الذى يحمل خطية العالم كله" (يو 1: 26).
وقال "إنى قد رأيت الروح نازلاً مثل حمامة من السماء فاستقر عليه، وأنا لم أكن أعرفه. لكن الذى أرسلنى لأعمد قال لى: الذى ترى الروح نازلاً ومستقراً عليه فهذا هو الذى يعمد بالروح القدس. وأنا رأيت وشهدت أن هذا هو ابن الله" (يو 1: 33 – 34).
وهنا ربط بين معمودية السيد المسيح وحلول الروح القدس عليه وأنه يعمد بالروح القدس. معنى هذا أن الروح القدس حل على السيد المسيح كبداية للعهد الجديد لكى يحل على المؤمنين عبر الولادة من الماء والروح ومن خلال سر الميرون سر المسحة المقدسة.
تحتفل الكنيسة بعيد الغطاس المجيد لما فيه من أحداث هامة وإعلانات إلهيه تخص خلاصنا.. ولعل أول كل هذا ظهور الله المثلث الاقانيم وقت عماد السيد المسيح.. لذلك يطلق علي هذا العيد (عيد الظهور الالهي).. فالاب ينادي قائلاً عن الرب يسوع وهو في الماء "هذا هو أبني الحبيب الذيبه سررت" (مت 3: 17)، بينما الروح القدس يحل في شكل حمامة مستقراً علي السيد المسيح ليعلن أنه المخلص الذي أتي لخلاص العالم بصنع الفداء العجيب..
ويقول في ذلك القديس أوغسطينوس: "بجوار نهر الاردن ننظر ونتأمل المنظر الالهي الموضوع أمامنا.. فلقد أعلن لنا إلهنا نفسه عن نفسه بكونه ثالوث في واحد.. أي ثلاثة أقانيم في طبيعة إلهية واحدة".
وبينما الرب يسوع يقف في إتضاع عجيب أمام يوحنا المعمدان في نهر الاردن ليعتمد منه.. أعلن الله ليوحنا عن الذي سيعمده إذ هو الابن الكلمة المتجسد.. فشهد يوحنا المعمدان قائلاً: "أنا أعمدكم بماء ولكن في وسطكم قائم الذي لستم تعرفونه، هو الذي يأتي بعدي الذي صار قدامي الذي لست مستحق أن أحل سيور حذائه.. هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم هذا هو الذي قلت عنه يأتي بعدي رجل صار قدامي لأنه كان قبلي وأنا لم أكن أعرفه لكن ليظهر لاسرائيل لذلك جئت أعمد بالماء.. إني قد رأيت الروح نازلاً مثل حمامة من السماء فأستقر عليه وأنا لم أكن أعرفه لكن الذي أرسلني لأعمد بالماء ذاك قال لي الذي تري الروح نازلاً ومستقراً عليه فهذا هو الذي يعمد بالروح القدس وأنا قد رأيت وشهدت أن هذا هو أبن الله.." (يو 1: 26 – 34).
بهذه الشهادة التي قدمها القديس يوحنا المعمدان يكون قد أعلن عن المخلص الحقيقي الذي استعلن وسط البشر في الماء ليحمل خطايا العالم.. وكأن من نزل في الماء قد ترك خطاياه واغتسل منها.. بينما إذ نزل الابن الكلمة المتجسد في الماء وهو بلا خطية قد احتمل كل خطايا البشر.. هذا هو سر الخلاص المعلن في نهر الاردن..
لماذا أعترض يوحنا المعمدان على معمودية السيد المسيح، بينما هو آتى لذلك؟
لذلك نسميه عيد الغطاس الذي فيه أعتمد الرب في الماء بالتغطيس ليعلن نفسه أنه المخلص.. أنه الطبيب الحقيقي الذي جاء ليرفع خطايا البشر.. لم يقف في الماء لكي يقر بخطيئته كما فعل باقي الناس اللذين أعتمدوا من يوحنا.. فهو بلا خطية.. لهذا ذهل يوحنا حينما أعلن له عن ما هو الواقف أمامه لا يعتمد.. لذلك قال له "أنا محتاج أن أعتمد منك وأنت تأتي إلي؟!" (مت 3: 14) لقد حاول أن يمنعه من العماد لأنه بلا خطية.. فلماذا يعتمد؟! فأجاب الرب علي يوحنا قائلاً "اسمح الان لأنه هكذا يليق بنا أن نكمل كل بر. حينئذ سمح له" (مت 3: 15).
لذلك تحتفل الكنيسة بهذا العيد طبقاً للأمر الرسولي القائل: "فليكن عندكم جليلاً عيد الظهور الالهي الذي هو الغطاس، لأن الرب بدأ يظهر فيه لاهوته (لاهوت الرب يسوع) في المعمودية في الاردن من يوحنا.. وعملوه في اليوم السادس من الشهر العاشر للعبرانية، الموافق الحادي عشر من الشهر الخامس للمصريين (شهر طوبه)" (دسقولية 18).
ونحن نوقر هذا العيد فنتفرغ فيه من كل الاعمال طبقاً للأمر الرسولي: "ولا تشتغلوا في عيد الحميم لأنه فيه ظهر لاهوت السيد المسيح وشهد له الاب في العماد، ونزل عليه الروح القدس بشبه حمامه وظهر الذي شهد له الكل القيام في المكان أن هذا هو الله الحقيقي من حيث طبيعته، وابن الله الوحيد من حيث أقنومه" (المجموعة الصفوي ص 197، 198).. هكذا عبر الرسل عن أهمية العيد المقدس وقيمة الاحتفال به والتفرغ فيه..
أيضاً أقوال الاباء تؤيد أهمية العيد.. فيقول ذهبي الفم "أن عيد الظهور الالهي هو من الاعياد الاولية عندنا وقد تعين تذكاراً لظهور الاله علي الارض ومعيشته وسط البشر".. وهذا ما أكده القديس أغريغوريوس، والقديس أبيفانيوس في حديثهما عن هذا العيد العظيم في قيمته البشرية. مصدر البحث: موقع كنيسة الأنبا تكلا.
+ لماذا يُحتفل به ليلاً؟
لقد كان مسيحيوا الشرق يحتفلون بعيدي الميلاد والغطاس طوال الثلاثة قرون الاولي.. وحيث أن الرب ولد ليلاً فكان الاحتفال بالعيدين معاً ليلاً. ولكن بعد اكتشاف موعد العماد منفصلاً عن موعد الميلاد، وذلك من خلال المؤلفات اليهودية للمؤرخين، والتي جمعها تيطس الروماني، ونقلها من أورشليم إلي روما، جعلوهما عيدين يحتفلون بهما في موعدين مختلفين، ولكن ليلاً كعادتهم قبل فصل العيدين. وهكذا أخذ الغرب عن الشرق هذه العادة، وذلك من خلال الانفتاح الذي حدث.. كما شهد كاتيانوس.. "وكان الغربيون ولا يزالون يقيمون في هذا اليوم احتفالاً بسجود المجوس اللذين بواسطتهم أعلن المسيح ذاته للأمم" (راجع اتحاد الكنائس وجه 96.. عظات القديس أوغسطينوس).
ولقد كان المسيحيون القدماء يعمدون الموعوظين في هذا العيد.. ولا يزال بعض المؤمنين يعمدون أولادهم فيه أيضاً.. إنها معمودية بالتغطيس في الماء.. ولعل الربط بين الاثنين ومعمودية المؤمنين هو الماء والروح وأبن الله.. فكما حل أبن الله الكلمة في الماء والروح نازلاً.. هكذا كل من يحل في الماء والروح نازل فانه يصير ابن الله بالتبني وبذلك تظل الايقونة مستمرة.. ننزل مع المسيح في الماء لننال الولادة من الماء والروح باستحقاقات دم المسيح.. لذلك قيل "والذين يشهدون في الارض هم ثلاثة الروح والماء والدم والثلاثة هم في الواحد".. (1 يو 5:
..
+ لماذا أعتمد الرب فى نهر الأردن بالذات؟
هناك (يش 20: 7 – 17) قصة العبور لأرض الموعد فى عبور بنى اسرائيل بقيادة يشوع فى نهر الأردن لما وضعوا تابوت العهد فى الماء انشق النهر فعبروا فيه وانتخبوا 12 رجل من أسباط اسرائيل رجل من كل سبط واخذوا حجارة ومروا عليها حتى عبروا نهر الأردن. قصة العبور كانت هذه القصة رمزا لعبورنا من خلال الرب المتجسد للسماء أرض الموعد الحقيقية لذلك انفتحت السماء حين نزل الرب فى الماء كما انفتح النهر بحلول تابوت العهد فيه توافق فى الرمز ويشوع كان رمزاً ليسوع والمعنى المباشر لكلا الأثنين هو مخلص، يشوع يعنى مخلص ويسوع يعنى مخلص.
من هنا أخذت المعمودية أهمية خاصة لأنها عبور إلى أرض الموعد.
حلول الروح القدس على السيد المسيح هو حلول لأجل عمل الخلاص، الإبن الكلمة والروح القدس كلاهما أقنومين فى الثالوث القدوس.
أي أن نهر الاردن له ذكري حدثت تشير بوضوح الي المناسبة التي نحتفل بها.. ونذكرها كما نص عليها سفر يشوع في الاصحاح الثالث من الاية السابقة الي نهاية الاصحاح.. وهي حادثة عبور بني اسرائيل الي أرض الموعد عبر نهر الاردن.. فقال الرب ليشوع اليوم ابتدئ أعظمك في أعين جميع اسرائيل فأمر الكهنة حاملي تابوت العهد قائلاً: عندما تأتون الي ضفة مياه الاردن تقفون في الاردن هوذا تابوت عهد سيد كل الارض عابراً أمامكم في الاردن فالان انتخبوا اثني عشر رجلاً من أسباط اسرائيل رجلاً واحداً من كل سبط ويكون حينما تستقر بطون أقدام الكهنة حاملي تابوت الرب.. في مياه الاردن إن مياه الاردن المياه المنحدره من فوق تنطلق وتقف نداً واحداً..… فوقف الكهنة حاملوا تابوت عهد الرب علي اليابسة في وسط الاردن راسخين وجميع اسرائيل عابرون علي اليابسة حتي انتهي جميع الشعب من عبور الاردن (يش 20: 7 – 17)..
هذه الحادثة تؤكد أهمية هذا الرمز لما حدث في عماد الرب يسوع علي يد القديس يوحنا المعمدان لأن الرب جاء لكي يوصلنا إلي أرض الموعد الحقيقية وهي السماء.. لذلك كما كان نهر الاردن الوسيلة التي من خلالها وصل بني اسرائيل الي أرض الموعد هكذا تحقق الرمز في عماد الرب في نهر الاردن ليكون الوسيلة للوصول الي السماء.. وهكذا نفس الامر إذ بمجرد نزول الرب الي نهر الاردن انفتحت السماء ونزل الروح القدس علي هيئة جسمية في شكل حمامة وأستقر علي رأس الرب يسوع كاول إنسان يستقر فيه الروح القدس منذ غادر البشر كما جاء فيه (تك 6: 3) " فقال الرب لا يدين روحي في الانسان الي الابد لزيغانه هو بشر وتكون أيامة مائة وعشرين سنة".. اي لا يدوم روحي في البشر..
ولتوضيح هذا المعني أريد أن لا نخلط بين السيد المسيح والروح القدس لاهوتياً (إذ هما أقنومان في الذات الالهية الواحدة) وبين حلول القدس علي السيد المسيح ناسوتياً كطبيعة بشرية.. لذلك نطلق علي الابن الكلمة المتجسد إسمه بعد التجسد (يسوع المسيح).. فيسوع إسمه كمخلص والمسيح تعني الممسوح من الروح القدس.. ولقد سبق الوحي الالهي وتنبأ عن ذلك قائلاً: روح السيد الرب علي لأن الرب مسحني لأبشر المساكين أرسلني لأعصب منكسري القلب لانادي للمسبيين بالعتق وللمأسورين بالاطلاق لأنادي بسنة مقبولة للرب" (أش 61: 1، 2).
وهذا ما حدث في نهر الاردن الذي هو طريق للوصل لأرض الموعد.. إنها المسحة التي جعلت من الرب يسوع في تجسده ممسوحاً لإتمام الخلاص.. وهذا ما جاء أيضاً في النبوة في (المزمور 45: 6، 7) "كرسيك يا الله الي دهر الدهور قضيب إستقامة قضيب ملكك، أحببت البر وأبغضت الاثم من أجل ذلك مسحك الله إلهك بدهن الابتهاج أكثر من رفقائك".. فهو من حيث لاهوته "كرسيك يا الله إلي دهر الدهور قضيب استقامة قضيب ملكك" ومن حيث ناسوته "أحب البر وأبغض الاثم لذلك مسحه بدهن الابتهاج"..
لذلك نطق القديس بطرس الرسولي قائلاً للرب رداً علي سؤاله "ماذا يقول الناس إني أنا إبن الانسان؟" فقال "أنت هو المسيح إبن الله الحي".. فحينئذ طوبه الرب قائلاً "طوبي لك ياسمعان بن يونة إن لحماً ودماً لم يعلن لك لكن أبي الذي في السموات".. (مت 16: 13 – 17)
من هنا كان السبب في عماد الرب في نهر الاردن الذي هو المعبر الي أرض الموعد وتحقق بحلول الروح القدس ليملك الله علي البشر مرة أخري.. وبتحقيق ملكوت الله علي الارض بداية لتحقيق ملكوت الله السماوي الذي استعلن بانفتاح السماء بمجرد نزول الرب الي نهر الاردن كما حدث في الرمز الذي ذكرناه إذاً بمجرد حلول تابوت العهد في نهر الاردن انفتح ليصل إلي أرض الموعد وعبر الشعب من خلاله ليسكنوها..
+ كيف يكون المسيح هو ابن الله بالطبيعة ويحل عليه الروح القدس؟
الإبن الكلمة والروح القدس كلاهما أقنومين فى الثالوث ولذلك هذا هو الوضع اللاهوتى، (مز 45: 6،7) "كرسيك يا الله إلى دهر الدهور قضيب استقامة قضيب ملكك". هذا الجزء الأول الخاص باللاهوت هذا عن الإبن ووضحها القديس بولس فى عبرانين عن الإبن، "أحببت البر وأبغضت الاثم من أجل ذلك مسحك الله الهك بزيت الإبتهاج أفضل من رفقائك"هذا الجزء خاص بالوضع الناسوتى وهو نفسه كرسيه إلى دهر الدهور هو نفسه الذى مُسح بزيت الإبتهاج.
هذا هو الهدف من المعمودية أن يحل الروح القدس على السيد المسيح ناسوتياً. الملوك يمسحون بزيت قرن المسحة ولكن فى السيد المسيح حل الروح القدس عليه معطيه كمال المسحة المقدسة.
+ لماذا أرتبط استعلان الرب المخلص بمعمودية (معمودية يوحنا) التوبة؟
أرتبط الماء بتجديد العالم حين حدث فى الطوفان، الخلقة بدأت بالماء والروح وكان روح الله يرف على وجه الماء لذلك جاء التجديد بالماء والخلقة الجديدة بالماء والروح، الماء هنا داخل كعنصر أساسى لذلك أستخدم الماء لاستعلان المخلص وكان الجميع يقرون بخطاياهم وهم يعتمدون، لذلك القديس إمبروسيوس يستخدم تعبير (غسل الخطية): "أغتسل المسيح من أجلنا أو بالحرى غسلنا نحن فى جسده، لذا لاق بنا أن نسرع لغسل خطايانا، لقد طهر المياه الذى لم يعرف خطية لأن له سلطان على التطهير لذلك كل من يُدفن فى الماء يترك خطاياه، والرب بدون خطية دُفن فى الماء ليحمل خطايا كل من أعتمد فى الماء".
المعمودية ولادة من فوق من الماء والروح، نوال الخلاص من الخطية وغفرانها بمقتضى رحمته خلصنا بغسل الميلاد الثانى وتجديد الروح القدس وبها نلبس الرب يسوع (غلاطيه 3: 27) "لأن كلكم الذين أعتمدتم للمسيح قد لبستم المسيح" وننال التطهير الكامل والبر والقداسة (أفسس 5: 25) لكى يقدسها مطهراً إياها بغسل الماء بالكلمة لكى يحضرها كنيسة مجيده لا دنس فيها ولا غضن ولا شيئاً من مثل ذلك بل تكون مقدسة وبلا عيب "وأيضاً ندفن مع المسيح ونقوم "كل من أعتمد ليسوع المسيح قد أعتمد لموته" (رو 6: 3، 4) "لأنه إن كنا قد صرنا متحدين معه بشبه موته نصير أيضاً بقيامته فإن كنا قد متنا مع المسيح نؤمن أننا سنحيا أيضاً معه".
غسل خطايانا (أع 22: 16) " لماذا تتوانى أيها الأخ شاول قم أعتمد واغسل خطاياك".