"الرجل الصالح فى ناموس الرب مسرته وفى ناموسه يلهج نهاراً وليلاً" (مز 2:1). هذه العبادة فى المزمور الأول هى نفس ما قاله الرب ليشوع بن نون: "لا يبرح سفر هذه الشريعة من فمك، بل تلهج به نهاراً وليلاً" (يش 8:1)، على الرغم من أن يشوع كان قائد جيش وكانت مشغولياته كثيرة. وهذا الأمر أيضاً نجده فى الإصحاح السادس من سفر التثنية. فى تثنية (5) وردت الوصايا العشر كما وردت فى سفر الخروج (20) وبعد ما ربنا قال الوصايا العشر فى تثنية (5)؛ قال فى إصحاح (6): "لتكن هذه الكلمات التى أنا أوصيك بها اليوم على قلبك وقصها على أولادك وتكلم بها حين تجلس فى بيتك وحين تنام وحين تقوم" (تث 6:6،7).
الكتاب المقدس مفيد لنا جميعاً لا نستغنى عنه، مهما وصلنا من العلم والمعرفة..
وهو مجال للتأمل الروحى، كما يقول المرتل فى المزمور الكبير: "لكل كمال رأيت حداً أما وصيتك فواسعة جداً" (مز 96:119) كما يقول أيضاً: "لو لم تكن شريعتك هى تلاوتى، لهلكت حينئذ فى مذلتى" (مز 92:119). الكتاب إذن نافع للحياة الروحية ولمعرفة طريق الرب، ونافع للتأمل. ونافع أيضاً للتعليم، وفى الدفاع عن العقيدة، ونافع أيضاً للرد على الحروب الروحية التى تحارب الإنسان، وكما قال القديس مارأوغريس فى إحدى ميامره: (إنك ترد كل خطية بإحدى الوصايا). أى أنك عندما تحارب بأى خطية يمكنك أن تردعها بوصية من وصايا ربنا.
فمثلاً إذا حوربت بالغضب تذكر قول الكتاب: "ليكن كل إنسان مسرعاً إلى الاستماع، مبطئاً فى التكلم، مبطئاً فى الغضب لأن غضب الإنسان لا يصنع بر الله" (يع 20:1).
إذا حوربت بأخطاء فى الكلام، تذكر قول الكتاب: "كثرة الكلام لا تخلو من معصية" (أم 19:10). وإذا حوربت بالكبرياء تذكر الآية التى تقول: "قبل الكسر الكبرياء، وقبل السقوط تشامخ الروح" (أم 18:16). وإذا حوربت بالبر الذاتى تذكر ما قيل عن أيوب الصديق وأصحابه الثلاثة فى سفر أيوب: "فكف هؤلاء الرجال الثلاثة عن مجاوبة أيوب لكونه باراً فى عين نفسه، حينئذ حمى غضب اليهوبن برخئيل البوزى من عشيرة رام، على أيوب حمى غضبه لأنه حسب نفسه أبر من الله وعلى أصحابه الثلاثة حمى غضبه، لأنهم لم يجدوا جواباُ واستذنبوا أيوب. حينئذ قال لهم أليهو: أنا فتى وأنتم شيوخ لذلك خفت وخشيت أن أتكلم، وقلت كثرة الأيام تظهر حكمة" (أى 1:32-7) والآية الأخيرة تظهر لنا الأدب فى الكلام مع كبار السن.
قلنا الكتاب المقدس نافع لتعريف الإنسان بطريق ربنا، وهو يقوده فى الحياة الروحية. لذلك بيقول: "سراج لرجلى كلامك ونور لسبيلى" (مز 105:119).
هو أيضاً مجال للرد على كل خطية يحارب بها الإنسان، وهو أيضاً مجال للدفاع عن العقيدة. وكما سمعتم ممن تحدثوا قبلى إنى قلت قبل ذلك خطورة استخدام الآية الواحدة.
الكتاب المقدس ليس هو مجرد آية ولكنه كتاب، بهذه المناسبة أحب أن أذكر أن السبتيين والأدفنتست لهم كتاب من تأليفهم اسمه "الكتاب يتكلم" يذكرون أى سؤال والإجابة بآية واحدة، بينما هناك آيات أخرى توضح المفهوم الكتابى. فاحترسوا أيضاً من هذا الكتاب مع إن اسمه "الكتاب يتكلم" لكنه يتكلم بطريقة خاطئة بآية واحدة، مثال هذا ما ورد فى قصة سجان فليبى "آمن بالرب يسوع فتخلص أنت وأهل بيتك" (أع 31:16) ويتخذها البروتستانت أن الإيمان كافى للخلاص. وأيضاً "فقال لهم بطرس: توبوا وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا فتقبلوا عطية الروح القدس" (أع 38:2)، "من آمن وأعتمد خلص" (مر 16:16).
قالها بطرس الرسول لليهود بعد أن نخسوا فى قلوبهم وآمنوا. إذن يلزم التوبة ويلزم المعمودية. وربما أحدثكم بعض الحين عن مفهوم المعمودية فى نظر هؤلاء الناس، ونحن لا نستخدم الآية الواحدة. فمثلاً فى رسالة يوحنا الأولى "إن علمتم إنه بار هو، فاعلموا أن كل من يفعل البر مولود منه" (1يو 29:2).
ونحن مع إهتمامنا بالأعمال إهتماماً كبيراً، لا نقول إطلاقاً أن من يفعل البر يأخذ الميلاد الثانى بدون المعمودية. إنما هذه الآية قيلت فى مجال والمعمودية فى مجال آخر، يجتمع المجالان معاً لكى يكون تعليماً واحداً. أو مثلاً هذه الآية "الديانة الطاهرة النقية عند الله الآب هى هذه: افتقاد اليتامى والأرامل فى ضيقتهم، وحفظ الإنسان نفسه بلا دنس من العالم" (يع 27:1).
فلا يمكن أن نستخدم هذه الآية ونقول: أن افتقاد اليتامى والأرامل والحياة النقية هى كافية للخلاص بدون الإيمان وبدون المعمودية، نضع هذه إلى جوار تلك. كذلك نقرأ فى (مت 31:25)، كيف أن السيد الرب يأتى للدينونة ويجلس على كرسى مجده، وتجتمع أمامه جميع الشعوب، فيفرزهم البعض عن يمينه والبعض عن يساره، فيقول للذين عن يمينه: "تعالوا إلىّ
يا مباركى أبى رثوا الملك المعُد لكم قبل إنشاء العالم، لأنى كنت جوعاناً فأطعمتمونى، عطشاناً فسقيتمونى، مريضاً فزرتمونى... إلخ" (مت 34:25-36) إلى آخر هذا الكلام، فلا يمكن أن نقول أن مجرد الإهتمام بالمحتاجين بأكلهم وشربهم وزيارتهم كافى للخلاص، وللوقوف عن يمين الله. أيضاً لابد من الإيمان، لابد من المعمودية، لابد من التوبة.
فكما أننا لا نستخدم أسلوب الآية الواحدة؛ لا نحب أنهم يستخدمون الآية الواحدة.