وفى يوم الأربعاء 25 / 9 / 2002 كانت بداية التمرد من الأخ الثائر ضد الله وكان الحوار كالآتى من الأخ الأكبر بينه وما بين نفسه إلى الله:
الأخ الأكبر:
إنت فين يارب؟ إنت ليه بتسمح بكل ده وعلشان إيه؟ إحنا مش وحشين وأنا عمري ما آذيت أي إنسان علشان إنت تعمل أي حاجة زى دي معانا ... ليه بس كدة يارب؟ .. ليه ما كانش الألم ده فيا أنا وماكانش في بيشوي؟ .. ليه بس ياربى !!! ؟؟؟ .. على العموم مادام الإنسان لما بيكون وحش بيكون عايش فى سلام أنا من النهاردة إنسان تاني خالص وهكون وحش بكل معنى الكلمة .........
تحول هذا الخادم إلى متمرد .. ومن إنسان متدين بيخاف ربنا إلى إنسان لايخشى شيئا حتى ولو كان إله .. وضرب بكل شىء عرض الحائط ونسى كل ما فعله يسوع لأجله على عود الصليب ..... تحول هذا الملاك إلى شيطان ناطق بكل سوء وبكل تجديف (فأدمن السجائر والخمور ، وقادته قدمه إلى أماكن السوء وكانت المعاشرات الرديئة هي مرساه الليلي .. وتحولت المحبة التي بقلبه إلى كره وحقد إلى كل من حوله).
للأسف يا أصدقائي ويا خيبة الأمل عندما تحول هذا الأخ بكل هذه السلبية المطلقة بسبب منطق كازب من إبليس .. لقد ضل الطريق وخرج خارجا من منزل أبيه ليكون تائها حائرا لا يعرف إلى أين تقتاده أقدامه وإلى أين سيذهب وكيف سيعود ؟؟؟ ... ولكنه يعرف شيئا واحدا أنه يفضل أن يكون هكذا حتى يعيش فى سلام بسبب وقوعه فريسة سهلة في يد إبليس بهذا المنطق الغريب .. !!!
وفي يوم الأربعاء الموافق 2 / 10 / 2002 كان هناك إتصال تليفوني من أصدقاء الإبن الأكبر بالدراسة يطلبون منه الحضور إلى الكلية بأسرع وقت ممكن لرفع نسبة الغياب المقررة عليه وحضور السكاشن والمحاضرات ، وكان الإبن الأكبر فى هذا الوقت فى الليسانس وكان هذا العام من أصعب الأعوام الدراسية ... فذهب الإبن الأكبر يوم الخميس الموافق 3 / 10 / 2002 إلى محطة القطار بميدان رمسيس بالقاهرة حوالي الساعة 1 ظهرا ولم يجد حجز بالقطارات لأن الطلبة قد إستنفذت جميع الأماكن بكل المواعيد ، ثم ذهب الساعة 2.45 ظهرا إلى ميدان عبود للحجز في الأتوبيس فوجد أن المحطة قد تم نقلها إلى ميدان الموقف في المنيب .... فذهب الساعة 3.30 إلى المنيب ليجد أن أول ميعاد للأتوبيس هو حوالي الساعة 9 ليلا .. ولكن التعب والإجهاد قد حل عليه من قلة النوم ومن الإهمال بالطعام وكثرة التدخين وشرب الخمر المتعمد لنسيان آلام أخيه التي يراها بعينه ولا تفارقه لا فى منامه ولا فى صحوته ... فكان الحل الوحيد بالنسبة له هو ركوب أي ميكروباص إلى بلده ليستريح من الوقوف ولينظر حاله ودراسته الجامعية التى أوشكت على الإنتهاء فقد كانت السنة الأخيرة له .. وتعالوا لنتعرف ماذا قادته قدمه إلى هذه المأساه وهو في طريقه للعودة من القاهرة إلى المنيا.
بعد أن إستقل الميكروباص رقم 4012589 طراز تويوتا بوما موديل 2002م . وهو مازال كما هو لا يستمع ولو للحظة واحدة إلى أي صوت داخلي يناديه بالعودة مرة أخرى إلى أحضان أبيه.
يوم الخميس 3 / 10 / 2002 وحوالى الساعة 5.00 مساء وأثناء العودة من القاهرة إلى المنيا وأمام مركز العياط التابع لمحافظة الجيزة على طريق مصر الصعيد الزراعي كانت هناك عربة نقل تقطر مقطورة ومحملة على آخرها بأنابيب بوتاجاز فارغة ومملوءة بالغاز مخلوطين ببعضهما البعض وكانت تسير أمام الميكروباص وكان سائق النقل كما يكون سكران أو مدمن مخدرات ووجب على سائق الميكروباص أن يتعدى هذه العربة المجنونة .... وكان المنظر كالتالي:
السيارة النقل بمقطورتها على يمين الطريق.
الأنابيب غير مربوطة ولكن السائق اكتفى بان يجعلها على شكل هرمى حتى تكون ممسكة ببعضها.
الميكروباص خلف السيارة النقل.
لايوجد فارق طرق او بلغة المرور حارات إتجاهات على الطريق تفصل بين الإتجاهين لللمتجه إلى الوجه البحرى (العكس).
كان المقابل شبه فارغ ولا يتواجد به أي سيارات .. فكان قرار سائق الميكروباص بأن يتعدى العربة النقل وأخذ يضاعف فى سرعته إلى يسار الطريق ليصبح الطريق شبه مسدود من على يمين العربة النقل التي تقطر المقطورة ومن على اليسار العربة الميكروباص ، وكانت الصدمة الكبيرة عندما ظهر أتوبيس سياحي فرنساوي مكون من طابقين على الطريق في مواجهة الميكروباص ، وفى اللحظات الأخيرة تعدى الميكروباص العربة النقل المجنونة ولكن فى الوقت ذاته كان الإرتطام بالأتوبيس وجها لوجه وبكامل السرعتين حيث أن الأتوبيس كان قد فقد الفرامل مع السرعة التي كان يسير بها وفي نفس الوقت سائق العربة النقل ترك اللسيارة تسير بدونه ورمى بنفسه على الطريق لتسير العربة المجنونة بكامل سرعتها في طريقها إلى الميكروباص من الخلف.
بعد الإرتطامين كانت الأنابيب قد ملأت الطريق وطارت إحداهما بواقع رد الفعل والصدمة فيزيائيا في إتجاهها لتدخل إلى الأتوبيس عبر الزجاج المكسور من واقع الصدمة وجها لوجه مع الميكروباص وتنفجر الأنبوبة لتحرق كل من كان بداخل الأتوبيس.
كان موتور الأتوبيس الأمامي قد أفتك بكل من كان بالميكروباص من الأمام.
كذلك الحال بالنسبة إلى موتور العربة النقل الذي أفتك أيضا الموتور الحديدى ذو مروحة التبريد الحديدية من طراز (نصر) على كل من كان يقطن بالكراسي الأخيرة وقبل الأخيرة في الميكروباص.
لم يكتفي القدر بذلك بل كانت الفاجعة التي قضت على كل من كان ما يزال حيا داخل الميكروباص ..... فمن شدة الإرتطام والسرعة معا كان المقص (الشىء الحديدي الذي يربط العربة النقل بمقطورتها) قد إنكسر ليجعل المقطورة تنقلب إلى الأعلى ولا تجد مكانا تهبط به إلا مكان واحد إلا وهو الميكروباص ليصبح المنظر كالتالي:
الأتوبيس والعربة النقل مشتعلان ويتوسطهما الميكروباص ومن فوقه المقطورة وبعض الأنابيب الفارغة التي أدت إلى كسر سقف الميكروباص وإقالة كل من كان لا يزال حيا من الدنيا ليقابل رب الأرباب وملك الملوك يسوع.
أتت الشرطة على ذوي الإنفجار الذى حدث نتيجة إشتعال الأتوبيس في حدود الساعة 5.45 مساء وتم غلق الطريق وإطفاء الحريق وتم إنتشال الجثث ... وهنا أود أن أقول لكم شيئا بخصوص المعجزة الكبيرة التي يجب أن تعرفوها:-
إستطاع الرائد/ هانى شوقي شاكر من مديرية أمن الجيزة إخماد الحريق هو ومن معه من قوات وتم إنتشال الجثث وكانت قد إحترقت أغلبها والباقي إنقطع إلى أكثر من جزء إلا جثة واحدة كانت تسكن منتصف الميكروباص إلا وهي جثة الإبن الأكبر المتمرد على الله وعلى مشيئته وإختباراته .. ، فبعد إنتشال الشرطة لجثة هذا الإبن الأكبر كان الرائد/ هاني يعتقد بأنه ميت فقام بوضع الجثة داخل الصندوق الخلفي لسيارة الشرطة وقام بالذهاب إلى الأماكن التالية:
مستشفى العياط لكتابة التقرير الجنائي اللازم لتسليم الجثة فوجد أن الأطباء بالإستراحة وسوف يعودون للعمل ليلا.
قسم شرطة العياط ليقوم بتسليم الجثة بالقسم فوجد الضباط هناك يرفضون ذلك مدعين أن القسم غير مسؤول عن حوادث الطرق وأنه يجب عليه أن يتوجه إلى قسم شرطة مصر القديمة لتسليم الجثة التى أصبحت في عهدته بناء على قرار ج عياط 98652 / 2002 - عقيد محمد كمال - رائد هانى شوقى شاكر أمن الجيزة.