تأمل فى رسالة الى كل أنسان ...
______________________________
اخى الانسان ..أينما كنت فى اى مكان أو اينما كنت تؤمن بأى ايمان .او حتى اذا لم يكن لك ايمان بأى شيئ أو حتى أذا لم تكن تعرف ما هو الايمان .
أخى الانسان ..اذا كنت متفق معى فى الرأى أو فى العقيدة أو كنت تخالفنى تمامآ الرأى أو العقيدة كل هذه الاختلافات بيننا ليس لها أصل فى حقيقتها .!!
بل كل الاختلافات هى من صنع الانسان وعقله ..فنحن جميعآ سواء اعتقدت معى أو لم تعتقد متحدون أعضاء فى جسد البشرية الواحدة..
أخى الانسان ..أدو أن أنبه روحك الى عناصر الاتحاد بيننا لا عناصر الفرقة والابتعاد . ودعنا نبداء من البداية:
في البدء خلق الله السموات والارض:
________________________
الكون كله الفسيح لم يكن له وجود بل دعاه الله الواحد من العدم الى الوجود ...هذه الخليقة التى بدأت فى لحظة كانت هى "البدء" بدء الزمن .
يقول احد الحكماء :
"العالم يصرخ أنه قد خلق _يصرخ بأنه لم يخلق نفسه
_أنا موجود لانى مخلوق__ وأنا لم أكن موجود قبل أن أ ُخلق _لا يمكن أن أخلق ذاتى"
اذا نحن جميعآ خلقنا بيد واحدة هى يد الله الواحد بمشية الله التى شاءت فخلقت العالم شاء الله أن يكون هناك وجود مستمد وجوده منه هو ذاته .
ونلاحظ بدقة:
____________
** فلله بالرغم من أنه كان قادرآ أن يخلق العالم منذ الازل , ولكن الحقيقة أن الاشياء المخلوقة يستحيل عليها أن توجد منذ الازل لانها خلقت من العدم .
وهذا ضد مبدأ pantheism المسمى بوحدة الوجود والقائل بأن الله والطبيعة شيئ واحد وأن الكون المادى والانسان ليسا الا مظاهر للذات الالهية .......!
فالله خلقنا بارادته وبقدرة كلمته , ولكنه لم يخلقنا من طبيعته .ولكن خلق الله الانسان الاول من العدم .
** وهذا أيضآ ضد مبدأ agnosticsm اللاأدرية التى تنادى بمبدأ الجهل بأصل الاشياء .فجميع الاشياء هى من العدم ودعاها الله بحكمته من العدم الى الوجود ,وهو رسم لكل الخليقة حدود ومسار لتسير فيها بكل حكمة وفطنة فائقة على معرفة الانسان المحدودة .
*** كما يتناف أيضآ كل هذا مع مبدأ الجبرية fatalism والاعتقاد بالقضاء والقدر .فالله الذى خلق كل الاشياء صاغها بكل حكمة .وقد وضع الله للطبيعة قوانين تسير عليها .,بمنتهى الدقة والاعجاز ,وهى لا تُخل ولا تكل ,لان الذى يضبطها جميعآ هو الله ضابط الكل بكلمة قدرته.
وحتى اذا كانت الطبيعة قديمة جدآ منذ ملايين السنين _ كما يقول الجيولوجيون _ ولكنها فى وقت ما لم تكن موجوده لم تكن كائنة وكان الله كائنآ قبلها ,فهو سر الوجود كله ومصدر الحياة .
عزيزى الانسان تأمل معى نقطة الاتحاد العميقة بيننا جميعآ...!! فنحن كلنا جنس البشر بمختلف أجناسنا التى تشعبت على سطح الارض .كلنا خلقنا من العدم .ولكن بيد واحدة هى يد الله الواحد.
كان قصد الله الرحوم من خلقتنا جميعآ أن نشاركه الوجود والحياة .فلانه اله محبة وطبيعته هى طبيعة المحبة .خلقنا لكى يمارس معنا حبه العجيب .
ليس كما لو كان هو يحتاج الينا حاشآ فهو كامل فى طبيعته .ولكن خير ومحب بطبيعته أيضآ لذلك خلقنا لكى يفيض علينا من هذا الحب.
ولان الحب لا يكون له معنى الا أذا مارس بحرية كاملة .لذلك كان هناك تدبير وخطة فى خلقة الانسان .فيها يكتشف الانسان هدف خلقته وأيضآ يتغير من صورة الى الاخرى
حتى يبلغ الصورة النهائية التى تصلح أن تماس الحب مع الله بكامل حريتها
صورة الانسان الاول:
_________________________
خلق الله الانسان الاول أدم ولم يكن هو الصورة النهائية للانسان والتى كان قصد الله منها أن تسكن معه الى الابد وتتبادل معه الحب الكامل .
وكان أدم فى الجنة أو الفردوس ولكن لم تكون الجنة أو الفردوس هو المكان النهائى الذى يستقر فيه الانسان مع الله .بل كان هناك مكان أخر ينتظر ادم وذريته
هذا بعد أن يمر ادم بفترة فيها يكتشف هدف خلقته وايضآ يعلن بكامل ارادته قبوله للسكن والحياة مع الله وممارسة الحب معه بكل حريته .
وكان الموت الطبيعى هو الباب الذى سوف يعبر منه أدم الى الصورة النهائية للانسان والى مكان اعلى والى طبيعة روحية اعلى .تتناسب مع طبيعة الله الروحية.
كان أدم صورة لله ومن ابرز ما في ادم يعبر عن صورة الله بطريقة مباشرة جدآ هى حرية الارادة .ولكى يكون ادم حر الارادة لكى يكون صورة لله .فكان لابد من التدرج والتدبير فى خلقته .بمعنى انه وضع فى الفردوس تمهيدآ لنقله الى ملكوت الله الابدى وهو اعظم واعلى من الفردوس .
ولكى يكون هناك تفعيل لارادة أدم فكان عليه أن يختار بنفسه بين الخير والشر .بين قبول الحياة أو قبول الموت .حيث كان أدم حر فى تقرير مصيره ومسلمآ لزمام إرادته الخاصة ,لان هذه أيضآ هى جانب من صورة الله فى الانسان لكى يكون مثل الله يمارس سيادته على ارادته الشخصية.
وهذا امر هام جدآ لابد معرفته يا عزيزى الانسان ليس من جهة أدم فليس هذا المهم الان, ولكن من جهة نفسك اليوم .الى هذا الحد كان أدم سيدآ على نفسه , وعلى مصيره .
فحرية الارادة كانت تعنى أن أفكار الانسان ورغباته واختياراته ليست محتمة تحتيمآ نهائيآ بالقدر الذى من خارجه أو من داخله أى من طبيعته ’,ولكنها خاضعة لاختياره بكل ما تعنيه الكلمة.
وهذه هى حقيقة كل انسان .إذا اخترت أن أكون صالحآ فليس هناك شيئ يعوقنى عن ذلك , واذا اخترت أن أكون شريرآ فليس هناك ما يمنعنى من الغوص فى الشر .
فهذه القوة الدافعة نحو أى اتجاه تسُر به ارادة الانسان هو امتياز خاص كان فى ادم ,يعبر بصورة مباشرة عن صورة الله فى الانسان.
ولان الفضيلة والصلاح لابد أن تكون نابعة من اختيار حر وليس ثمرة اجبار ,ولا مرتبطة بقوانين الطبيعة ,لذلك وضع الله وصية لادم .بأن لايأكل من الشجرة .لم تكن الشجرة
مختلفة عن باقى شجر الجنة فى أى شيئ ,ولم يكن فى ثمارها أى شيئ مختلف كما أدعى الشيطان وخدع أدم .ولكن كانت فقط لتكشف حرية ارادة ادم.
بهذه الوصية أنكشفت حرية ادم ليكون صورة الله .وصار امامه أن يختار فى أن يتبع الله بكامل حريته ,او لا يختار الله وينخدع .ولكن كان يعلم أنه فى اختياره لله تكون الحياة والخلود فى الحياة والفرح والسعادة والتى كان يعيش فيها ويختبرها الى الابد ,.
بينما فى اختيار غير الله يكون الموت .والحزن والخداع والسقوط فى هوة ليس لها قرار ,ومن الجدير ذكره أيضآ أن أدم فى خلقته الاولى كان عقله صافى نقى له القدرة على السيطرة على غرائزه بمنتهى السهولة واليسر .وهذه ايضآ كانت من امتيازات ادم كصورة لله.
فكان جسده فى انسجام كامل مع روحه ويطيعه ومسيطر عليه تمامآ من قبل عقله ,فلم يكن فيه شهوات تجذبه أو تغلبه أو اى نوع من التصارع بين الجسد والروح .ولذلك كانت ارادته قوية ولا يمكن أن يسيطر عليها شيئ.
ولما كان عقله صافى فكانت قدراته كلها متجلية فى التأمل في الله ,ومعرفته بدون اى تشكيك أو تعتيم من الغرائز او الشهوات ,فكان يعرف الله ويتحدث معه ,ويسر جدآ بحضوره
ويسعى دائم فى التأمل فيه وحده دون سواه .