مقدمة عن أهمية السر:
أولاً:
هو مفتاح لكل الأسرار فلايوجد سر يمكن أن يمارس بدون التوبة والإعتراف. ولذلك كل الأسرار محصورة بين سرى التوبة والإعتراف والتناول. أتوب واعترف يكون لى الحق فى ممارسة الأسرار. وبعد ممارسة أى سر أختم الأسرار بالتناول. مثل سر مسحة المرضى يوم جمعة ختام الصوم يشترط بأن من يدهن لابد أن يكون صائماً ومعترفاً وأيضاً عند عمل قنديل لأى مريض، لابد أن يكون تائب ومعترف يمارس السر ثم يتناول. لازم التناول تاج الأسرار كلها ولذلك نسميه مفتاح الأسرار. إذا كنا نسمى المعمودية باب الأسرار فشرط الإنسان يتعمد وهو كبير لابد أن يكون معترف. فالإعتراف هو مفتاح الباب الذى يؤدى للأسرار. لذلك نسميه مفتاح الأسرار.
مالذى يعطى أهمية لهذا السر؟
هناك لابد حرب شيطانية. لا أحد يستطيع أن ينكر هذا الشيطان يحارب كل إنسان. الحرب تؤدى إلى سقوط. ممكن ناس تنتصر لكن إذا حدث سقوط فالمخرج الوحيد هو التوبة والإعتراف. ولذلك نسميه معمودية ثانية دائمة. المعمودية من الماء والروح لاتتكرر لأنها ولادة من الله، والولادة لاتتكرر. لكن التوبة والإعتراف ممكن يتكرر لذلك نسميه معمودية ثانية دائمة. والسبب فى الحرب الشيطانية وجود الروح والجسد فى الإنسان، فالروح يشتهى ضد الجسد، والجسد يشتهى ضد الروح. وكلاهما يقاوم الآخر. الذى يسمع هذا الكلام يظن أن هناك إنقسام فى الإنسان. لكن لايقصد الإنقسام فى الإنسان؟ إذاً ما هو السبب فى أن الروح والجسد كلاهما يقاوم الآخر؟ الروح له طبيعة إلهية أما الجسد له طبيعة مختلفة،طبيعة مادية ولذلك بسبب إختلاف الطبيعة بين الروح والجسد هنا يحدث التضاد فى الإتجاه، فكلاهما يقاوم الآخر. الروح بطبيعتها الروحانية تشتاق إلى الله وإلى الروحيات. إتجاهها دائماً إلى أعلى بينما الجسد لأن طبيعته مادية ينجذب نحو المادة،جسد مادى ولذلك له إتجاه مختلف ممكن نسميه إلى أسفل. والوضع الطبيعى لوجود قوتين كلاهما يقاوم الأخر، أن الأقوى فيهما له القيادة. مصدر البحث: موقع كنيسة الأنبا تكلا.
الحل دائماً هو التوبة ولذلك نسمى التوبة تحول من حياة الجسد إلى حياة الروح،أو من الإتجاه إلى أسفل للإتجاه إلى أعلى،أو من الحياة حسب الجسد إلى الحياة حسب الروح.
معنى كلمة توبة: لها معنيان " تاب " أى ثاب أى عاد إلى ثوابه أو رشده. المعنى الثانى ميطانية مأخوذة من كلمتين " ميتا " "نوس " ميتا أى ماوراء نوس أى عقل أى تغير الفكر الداخلى للإنسان
(ماوراء العقل الظاهر). أو تغير الفكر الذى يتحكم فى سلوك الإنسان ولذلك الخطية سببها إتجاه خاطئ بتصحيح الإتجاه الخاطئ إلى إتجاه حقيقى يصلح الفكر وبالتالى يصلح الإتجاه.
نقطة مهمه لابد أن نركز عليها فى هذا السر. التوبة هى جوهر الإعتراف. إعتراف بدون توبة يساوى صفر لا حل ولاشيئ يفيد الإنسان فى الإعتراف. بدون توبة الإعتراف لاقيمة له. لايوجد إعترافاً جيداً ومن زاوية أخرى الإعتراف هو إعلان عن التوبة وضمان لعدم العودة للخطية.
السبب الذى يجعل الإنسان يرجع للخطية ويكررها ليس فقط حرب الشيطان ولا سلطان الخطية ولكن عدم وجود التوبة. هذا السر أهميته فى أنه يغير الحياة،يغير النمط، الفكر، الإتجاه. لأن هناك توبة نسميها تغيير المسار والإتجاه والطريق. الملامح يتغيرون الأشخاص المرتبط بهم يتغيرون. إذا لم يتم هذا التغيير فالإعتراف ليس له قيمة ولافائدة. لذلك نسميه تغيير القلب والفكر وتجديد الحياة وفى هذا يتم وعد الله " أعطيكم قلباً جديداً وأجعل روحاً جديداً فى داخلكم ". (حزقيال 36: 26)لايمكن أن يحدث هذا بدون التوبة. تغيير القلب، المشاعر، والفكر. عندما قال الله " ياإبنى إعطنى قلبك " لا يقصد القلب الذى يضخ الدم لكن يقصد الفكر العميق فى الإنسان. مصدر كل إحساس، مصدر كل فكر. يكون ملك للمسيح. المعمودية تعطى تغير الطبيعة ونوال البنوة لله. لكن التوبة تجديد الإتجاه للإستفادة بالطبيعة الجديدة. أى تكون لطبيعة الجديدة موجودة لكن طمست بمحبة الخطية. فتغير الإتجاه يفيدنى من إمكانية تغير الطبيعة التى أخذتها فى المعمودية. والنتيجة المطلوبة على مستوى الحقيقة والواقع. الإنسان الطبيعى العادى ذاته هى مركز الدائرة. والله نقطة خارج الدائرة أى أن الله ليس له علاقة بحياته ذاته هى مركز الدائرة، الإنسان الأفضل إلى حد ما الذى تدينه مريض،ذاته هى مركز الدائرة أيضاً الله نقطة على المحيط. مثلما يأكل ويشرب بيصلى،مثلما يذهب عمله يذهب الكنيسة،أى أن ربنا نقطة على المحيط لكن الإنسان الروحى أى الوضع المثالى،المسيح هو مركز الدائرة وكل نقطة على المحيط لها علاقة بالمركز. هذا تنفيذ حقيقى لعبارة بولس الرسول " لى الحياة هى المسيح " أى أن المسيح هو مركز الدائرة. الأكل الشرب النوم العمل كل ماهو على محيط الدائرة حياة الإنسان له علاقة بالمركز. يأكل من يد الله، يعمل بأمانة من أجل الله، ليس لأجل المال. هذا هو الوضع المثالى لذلك فالتوبة هى تجديد الإتجاه بمعنى أن المسيح هو مركز الدائرة. هذا هو تنفيذ وتأثير التوبة بصورة حقيقية. وهنا واضح أن الشركة مع الله لاتصلح مع السلوك فى الظلمة ليس من الممكن أن يكون الإنسان له حياة مع ربنا ويخطئ بإرادته ويخطط للخطية. هناك خطايا نسميها خطايا ضعف. (الضعف البشرى) أو خطايا جهل. لكن الخطايا عن عمد وبتخطيط وبتدبير هذه لا تتناسب إطلاقاً مع الشركة مع الله. حتى خطايا الضعف والجهل أيضاً ممكن إستنارة الإنسان بالروح القدس تخلصه منه.
هناك إختلاف بيننا وبين البروتستانت فى موضوع التوبة. البروتستانت دائماً يتكلمون عن توبة الحياة وهو ماتفعله المعمودية عندنا أن الإنسان يعيش فى الخطأ ثم يصحح نفسه وطالما يتكلم عن توبة الحياة فيقول أنا بقيت قديس كنت وأصبحت. لكن نحن كأرثوذكس نتكلم دائماً عن حياة التوبة. أى التوبة اليومية إصلاح الفكر الخاطئ والإتجاه والضعفات اليومية ومحاسبة الإنسان لنفسه. الإختلاف بيننا وبين البروتستانت إختلاف مهم جداً فى جوهر التوبة. تقرير الإنسان أن يحيا مع الله لايمنع من الضعفات اليومية ولذلك ليس معنى أن الإنسان قدم توبة الحياة إنه ليس محتاج لحياة التوبة لابد أن نحتاج لحياة التوبة. ولذلك نسمى التوبة والإعتراف معمودية ثانية دائمة تفيد الإنسان فى حياته مع الله. إذا تعمد الإنسان وهو كبير فهذه توبة الحياة وإذا تعمد وهو صغير وسلك فى الخطية وقرر أن يحيا مع الله هذه توبة الحياة لكن هذا لايغنى عن حياة التوبة ومتابعة الإنسان لنفسه كل يوم بل كل لحظة.