<H2 dir=rtl style="TEXT-ALIGN: justify">لنحتمل الآلام
آه أيها الأعزاء المحبوبون! وإن كنا سنقتني تعزية من الأحزان، وراحة من الأتعاب، وصحة من الأتعاب، وخلودًا بعد الموت، فإنه لا يجوز لنا أن نغتم من الأمراض البشرية التي تلحق بالبشرية، ولا نقلق بسبب التجارب التي تحل بنا.
يلزمنا ألا نخاف إن تآمر الذين يحاربون المسيح (الأريوسيين) ضد الصالحين، إنما بالحري نحن نرضي الله بالأكثر بسبب هذه الأمور، إذ نتهيأ أكثر ونتدرب على حياة الفضيلة. لأنه كيف ننال الصبر ما لم توجد متاعب وأحزان؟
وكيف تظهر الشهامة إلا باحتمالنا الهزء والظلم؟
وكيف يختبر الاحتمال ما لم يوجد هجوم من الأعداء (الأريوسيين وغيرهم)؟
وكيف تتزكى طول أناتنا إن لم توجد وشايات ممن هم ضد المسيح (الأريوسيين)؟!
وأخيرًا كيف يمكن للإنسان أن يدرك الفضيلة ما لم تظهر أولاً شرور الأشرار؟!
هكذا فإن ربنا سبقنا في هذا عندما أراد أن يظهر للناس كيف يحتملون…
عندما ضرب احتمل بصبر،
وعندما شتم لم يشتم،
وإذ تألم لم يهدد، بل قدم ظهره للضاربين، وخديه للذين يلطمونه، ولم يحول وجهه عن البصاق (1 بط 23:2؛ إش 6:50).
وأخيرًا كانت إرادته أن يقاد إلى الموت حتى نرى فيه صورة كل الفضائل والخلود، فنسلك مقتفين آثار خطواته، فندوس بالحق على الحيات والعقارب وكل قوة العدو (الخطية).
مثال: بولس
هكذا إذ سلك أيضًا بولس على منوال ربه، أوصانا قائلاً "كونوا متمثلين بي كما أنا أيضًا بالمسيح.
بهذا تغلب بولس على انقسامات الشيطان كاتبًا "فأني متيقن أنه لا موت ولا حياة ولا ملائكة ولا رؤساء ولا قوات ولا أمور حاضرة ولا مستقبلة ولا علو ولا عمق ولا خليقة أخرى تقدر أن تفصلنا عن محبة الله التي في المسيح يسوع ربنا"(1). لأن العدو يقترب منا وقت الأحزان والتجارب والأتعاب مجاهدًا أن يهلكنا، ولكن الإنسان الذي في المسيح يناضل هذه الأمور المضادة، فيقابل الغضب بطول الأناة، والاستهزاء بالوداعة، والرذيلة بالفضيلة، عندئذ ينال النصرة ويعلن قائلاً "أستطيع كل شيء في المسيح يسوع الذي يقويني"(2)، و"لكننا في هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذي أحبنا"(3).
هذه هي نعمة الله، وهذه هي طرق الله في إصلاح بني البشر، فأنه تألم ليحرر الذين يتألمون فيه.
نزل لكي يعرفنا،
قبل أن يولد حتى نحب ذاك الذي هو ليس (بإنسان عادي)،
نزل إلى حيث (الموت) ليهبنا عدم الموت،
صار ضعيفًا لأجلنا حتى ننال قوة…
أخيرًا صار إنسانًا حتى نقوم مرة أخرى نحن الذين نموت كبشر، ولا يعود يملك الموت علينا، إذ تعلن الكلمات الرسولية قائلة "لا يسود علينا الموت بعد"(4).
الأريوسيين جاحدوا النعمة!
وإذ لا يقبل هذا الأريوسيون والمانويون(5)، إذ هم ضد المسيح وهراطقة، يشتمون بألسنتهم ذاك الذي هو "معين"، ويجدفون على من يحررهم، ويفكرون بأفكار متنوعة ضد المخلص. لأنه عند نزوله من أجل خير الإنسان ينكرون لاهوته، ناظرين إلى مجيئه من العذراء مع شكهم في كونه إبن الله. وإذ جاء متجسدًا يرفضون سرمديته. وإذ يرونه متألمًا لأجلنا ينكرون ما لجوهر أبديته، سامحين لأنفسهم بأعمال الجحود، مزدرين بالمخلص، شاتمين إياه عوض أن يعرفوا نعمته.
إننا نوجه لهؤلاء (أي للأريوسيين) هذه الكلمات بحق قائلين: "آه أيها الجاحد المضاد للمسيح! إنك بكليتك شرير وذابح لربك، وأعمى تمامًا، ويهودي في تفكيرك! هل فهمت الكتاب المقدس وأنصت إلى القديسين، إذ يقول "أنر بوجهك فنخلص"(1)، "نورك وحقك يهديانني"(2).
ألا تعرف أن الرب لم ينزل من أجل نفسه بل لأجلنا، وبسبب هذا تذهل من أجل حنو محبته؟!
لو تأملت في الآب والابن لما جدفت على الابن كمن له طبيعة مغايرة؟!
لو فهمت عمله الخاص بحنو محبته من نحونا لما كنت تجعل الابن غريبًا عن الآب، ولا تنظر إليه كغريب، هذا الذي صالحنا مع الآب…
إن الرب كان يهزأ دومًا بالشيطان لا يزال إلى يومنا يصنع هذا (قائلاً للأريوسيين) "أنا في الآب والآب فيّ"(3).
هذا هو الرب المعلن في الآب، وأيضًا الآب معلن في الابن، الذي هو حقًا ابن الآب، إذ تجسد من أجلنا في أواخر الأيام، ليقدم نفسه للآب عوضًا عنا، ويخلصنا خلال تقدمته وذبيحته!..
هذا هو الذي في القديم ذبح كخروف، إذ رمز له الخروف، لكنه بعد ذلك جاء وذبح لأجلنا "لأن فصحنا أيضًا المسيح قد ذبح لأجلنا"(4).
هذا هو الذي خلصنا من شباك الصيادين من أضداد المسيح (حيل ومكائد الأريوسيين)… وأنقذنا نحن كنيسته…
لنمجد الرب ونشكره
ما هو إذا عملنا يا أخوتي تجاه هذا الصنيع، إلا أن نمجد الله ونشكر ملك الكل؟!
أولاً لنهتف بكلمات المزامير قائلين "مبارك الرب الذي لم يسلمنا فريسة لأسنانهم"(5).
لنحفظ العيد بهذه الطريقة التي أشار بها إلينا مخلصنا –يوم عيد القيامة المقدس- حتى نقدس العيد الذي في السموات مع الملائكة!..
لقد كان الشعب قديمًا ينشد مسبحًا عندما يخرج من الحزن…
وفي أيام أستير حفظوا عيدًا للرب(1) إذ أنقذوا من المنشور المهلك الذي ينادي بالموت، حاسبين هذا عيدًا، مقدمين الشكر للرب، وممجدين إياه…
ليتنا نفي نحن بنذورنا للرب، معترفين بخطايانا، حافظين العيد للرب في أحاديثنا وسلوكنا وطريقة حياتنا، مسبحين ربنا الذي أدبنا إلى قليل لكنه لم يتركنا أو يهلكنا… ولا أبتعد صامتًا عنا.
والآن إذ خرجنا من خداع مضادي المسيح المشهورين (الأريوسيين)… وعبرنا كما في البرية إلى كنيسته المقدسة محتملين في البرية تجاربًا وأحزان، فأننا نرسل إليكم وننتظر منكم رسائلاً كالعادة.
لهذا… فأنني أتقدم بالشكر إلى الله بنفسي، وأوصيكم أنتم أيضًا أن تشكروه معي…
وإذ هي عادة رسولية (أن أرسل إليكم رسالة) لهذا فإن أضداد المسيح وأصحاب الانشقاقات رغبوا في أن يفسدوا هذه العادة ويوقفونها. لكن الله لم يسمح بهذا، بل جدد وحفظ ما قد أمرنا به بواسطة الرسول، حتى نحفظ العيد مع بعضنا البعض، حافظين يومًا مقدسًا حسب تقليد الآباء ووصيتهم…..</H2>