Admin Admin
عدد الرسائل : 1539 العمر : 36 الموقع : اسيوط العمل/الترفيه : طالب بكلية التربيه تاريخ التسجيل : 16/12/2007
| موضوع: كيف نستخدم الطاقات والطباع والغرائز الأربعاء مارس 05, 2008 1:01 am | |
| كيف نستخدم الطاقات والطباع والغرائز للبابا شنوده الثالث توجد طاقات للإنسان يبدو بعضها هداماً، أو يستخدمه الكثيرون استخداماً سيئاً خاطئاً، بينما كل شيء في طبيعة الإنسان يمكن استخدامه للخير. وسنضرب لذلك بضعة أمثلة.«« فالغضب مثلاً طاقة يمكن استخدامها للخير، مهما استخدمها البعض كخطية. فالغضب يُعتبر خطيئة إن أخذ طابعاً جسدانياً نفسانياً: إن تحوَّل مثلاً إلى نرفزة، أو توتر في الأعصاب، وثورة وهياج، وعدم انضباط الصوت والملامح والحركات، مع أخطاء اللسان وقسوة الألفاظ والعنف ... مع الأخطاء النفسية، من جهة ارتباط الغضب أحياناً بالغيظ والكراهية، والرغبة في الانتقام للنفس، وثورة الفكر بأسلوب غير روحي. ورُبَّما يصل إلى الإهانات وجرح شعور الآخرين، وإلى الاشتباك بالأيدي...«« ومع ذلك فالغضب طاقة يمكن استخدامها للخير. فهناك نوع منه يُسمَّى بالغضب المقدس، مثل غضب موسى النبي لمَّا رأى الشعب قد صنع عجلاً ذهبياً وعبدوه، ومثل غضب كثير من الأنبياء على الخطاة وتوبيخهم وإنذارهم، مع ملاحظة أن يكون ذلك بغير نرفزة وعصبية. وهكذا نرى أنَّ الغضب وهو طاقة نفسية يمكن تحويله إلى الخير.«« ونلاحظ أن يوحنا كاسيان في كتابه ( المعاهد )Institutes كتب باباً عن الغضب، وشرح بطريقة روحانية كيف أن الإنسان يمكنه أن يغضب ولا يخطئ إذا ما غضب على خطاياه ونقائصه وضعفاته وسقطاته. بل أن هذا اللون من الغضب المقدس يقوده إلى التوبة وإصلاح نفسه وعدم الخطأ في المستقبل. وبهذا يكون قد قام بتوجيه الطاقة الغضبية في إتجاه سليم.«« لهذا، نحن لا نقف ضد الطاقة الغضبية بل ندعو إلى توجيهها توجيهاً حسناً، إذ ينتج عن ذلك الحماس والغيرة المقدسة والنخوة والحزم. إن تحطمت هذه الطاقة صار الإنسان خاملاً.«« الغضب الحكيم لازم في محيط الأسرة لحسن تربية الأبناء بحزم في غير التدليل الذي يفسدهم، ولكنه حزم مصحوب بحُب. وكذلك يلزم الغضب في مجال الإدارة، حتى تستقيم الأمور ويتخوف المفسدون.«« إنَّ الإنسان الروحي لا يمكنه أن يرى الشر ولا تتحرك روحه، وإلاَّ خلت الأرض من المصلحين، على أن يكون ذلك، بحق، وبحكمة وإذا غضب الإنسان لهدف روحي، ينبغي أن تكون وسيلته أيضاً روحية: فلا يشتم، ولا يتعالى ويتكبَّر على غيره، ولا يتجاوز حقوقه.«« نقطة أخرى هامة هى العناد: هل هو طاقة أم خطيئة؟ أم هو في الأصل طاقة حوّله البعض إلى خطيئة؟ إنَّ العناد السيئ هو التصميم على الخطأ. حيث يسلك الشخص في طريق خاطئ ويُصمِّم عليه، ويرفض كل تفاهم وكل نصيحة مخلصة بعقل مُغلق أمام كل إصلاح لمساره. حتى لو صدرت النصيحة من صديقٍ وفيّ، أو مرشد موثوق به، أو أب روحي ... ومهما كان الحق واضحاً!!«« مثل هذا العناد هو تصلُّب في الفكر والإرادة، وغالباً ما يكون صادراً عن كبرياء أو عن اعتزاز زائد بالذات وثقة واهمة بالنَّفس. وهو غير الثبات على الحق. وعلينا في حكمة وإفراز أن نُميِّز بينهما. ولا نخلط بينهما في حكم واحد. ونلاحظ هذا في تربية النشء .. فإن كان العناد ـ أو ما يُسمِّيه البعض عناداً ـ هو في حقيقته صموداً وثباتاً في الخير، فلا نمنعه ولا ننهه. ونضرب لذلك أمثلة:«« من أمثلة ذلك مَن يقف في صلابة قوية أمام مَن يريدون إزاغته عن دينه، رافضاً كل المحاولات، وكل الإغراءات المقدمة إليه، وهو غير مُقتنع بالمجادلات، لا يتراخى ولا يتساهل، وهو واثق أنه على حق ... أيقول عنه مجادلوه إنه عنيد؟! ولكنه ليس عناداً سيئاً، بل هو ثبات في العقيدة يُمتدح عليه ... نفس الوضع نقوله عن الشهداء ورسوخهم في الإيمان، على الرغم من كل الإغراءات وكل التهديدات، وعلى الرغم مما تعرَّضوا له من سجن ومن نفي، ومن ألوان التعذيب المرعبة. ولكن القلب كان راسخاً لا يتزعزع. رُبَّما مضطهدوهم وصفوهم بالعناد وبصلابة الرأي. ولكنه كان عناداً مُقدَّساً وثباتاً على الإيمان. «« هناك أيضاً العناد مع النَّفس في الجهاد الروحي: في الصوم، وحفظ العفة، وحفظ الفكر والحواس، وضبط اللسان وضبط الحواس، وفي كل التداريب الروحية، وفي منع النفس عن الخطية كما قال الشاعر: إبدأ بنفسك فإنهها عن غيّها فإذا انتهت عنه فأنت حكيم في كل هذا يحتاج الإنسان إلى عناد ضد الشيطان والجسد والشر، وإلى عناد ضد الشهوة واللهو. فيجد الشيطان نفسه أمام إنسان قوي ليس سهلاً. يعجم الشيطان عوده فيجده صلباً. ويحاول الدخول إلى قلبه وإلى فكره، فإذا هو جنة مُغلقة وينبوع مختوم. وإذا بهذا البار يقف أمام كل أنواع الإثم بكل عناد وتصميم، كصخرة جامدة لا تؤثِّر فيها العواصف. هذا العناد ضد الشيطان وحيله، هو عناد مُقدَّس...«« هناك في الحياة الإجتماعية أيضاً عناد مسموح به . مثل فتاة ريفية يريد أهلها تزويجها من شاب من أقاربها لا تحبه بل تكرهه، ولا تتصوَّر الحياة معه إطلاقاً. هذه إن رفضت فمن حقها أن ترفض. وإن ألحّوا عليها وضغطوا فاستمرت في الرفض، هل يصفونها بالعناد؟ إن من حقّها أن تأخذ هذا الموقف العنيد. لأنَّ إرغامها هو سبب لبطلان الزواج.«« لذلك إن وجدنا عناداً، وهادفاً إلى الخير، وصادراً عن إرادة قوية، فلا يجوز أن نقف أمامه ونتهمه بصلابة الرأي. بل فلتبقَ الإرادة في قوتها وصلابتها وتصميمها. لا نحطمها، وإنما نضمن سلامة مسارها نحو الخير...«« نقطة أخرى في موضوع الطاقات وهى المواهب: فلنفرض أن إنساناً له موهبة في النحت أو الشِّعر أو الموسيقى أو التلحين، أو حتى في التمثيل أو الغناء أو ما أشبه .. هل نكبت عنده هذه الموهبة، في إدعاء أنها ضد الإتجاه الديني، وتبعده عن اللَّه؟!«« إنني لست أجد في إحدى هذه المواهب أي خلاف مع الدين. فالخطأ ليس في الموهبة، وإنما في إنحرافها. وما أسهل توجيه كل المواهب توجيهاً روحياً، دون العمل على تحطيمها بِاسم الدين. فالفن شيء جميل، لا يستغني عنه المجتمع. فإنَّ انحرف الفن، نحارب الإنحراف ويبقى الفن الذي لولاه يتحول البلد إلى جمود لا جمال فيه. ونحن نشكر اللَّه أن في بلادنا مجموعة من الفنانين الذين لهم شهرة طيبة وأمجاد في عالم الفن، وإنتاج يفتخر به الوطن وينتشر خارجاً.«« والتمثيل بالذات كم خدم المجتمع خدمات جليلة، ودافع عن بعض قضاياه، دفاعاً كان له تأثيره الكبير أكثر من المقالات التي لا تجسد الحقائق بل تشير إليها. وفي بلد ممثلون لهم كل المحبة من الشعب وكل التقدير، ولهم مركزهم الاجتماعي المرموق، ولا يشك أحد في تدينهم.«« كذلك فإن الغناء والموسيقى والشِّعر والتلحين، كلها مواهب وطاقات يمكن استخدامها في الخير. وقد كان داود النبي شاعراً وموسيقياً. وكان يحسن الضرب على العود والمزمار والعشرة الأوتار. ولا ننسى ما قدمه للعالم من المزامير مِمَّا أوحى له اللَّه بها. نعود ونقول لا نحارب الطاقات، بل نحسن استخدامها | |
|